الشعور بالوحدة يزيد من احتمالات إصابة الإنسان بالاكتئاب والمشكلات الصحية المزمنة

رغبة الإنسان في الانتماء إلى مجموعة ما تشبع احتياجات أساسية وغريزية لديه.

يشير خبراء الصحة إلى خطورة الوحدة خصوصا على كبار السن، حيث تزيد الوحدة من خطر الوفاة المبكرة واحتمال الإصابة بالأمراض المزمنة والاكتئاب والقلق. وأشارت الدراسات إلى أن من يعيشون بمفردهم هم أكثر عرضة للإبلاغ عن مشاعر اكتئاب قد يكون من الصعب التخلص منها، مقارنة بمن يعيشون مع آخرين. وتعاني أعداد متزايدة من الأميركيين في منتصف العمر من الوحدة مقارنة بأقرانهم في أوروبا.

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - حذرت دراسة أميركية أجريت مؤخرا من خطورة الشعور بالوحدة على صحة الإنسان.

وأكدت الدراسة التي أجراها فريق بحثي متخصص في علم النفس بجامعة ولاية أريزونا الأميركية أن الشعور بالوحدة يزيد من احتمالات إصابة الإنسان بالأمراض والاكتئاب والمشكلات الصحية المزمنة بل والوفاة المبكرة، كما أن خطورة الوحدة توازي خطورة التدخين على صحة الإنسان.

وأكد فرانك إنفورا، أخصائي علم النفس بجامعة أريزونا، أن رغبة الإنسان في الانتماء إلى مجموعة ما تشبع احتياجات أساسية وغريزية لدى عامة البشر، وعندما لا يتحقق هذا الانتماء، تتعرض صحة الإنسان لعواقب سلبية.

وأضاف في تصريحات أوردها الموقع الإلكتروني “ذا كنفرسيشن” المعني بالأبحاث العلمية أن الدراسة شملت أكثر من 53 ألف شخص من الولايات المتحدة و13 دولة أوروبية خلال الفترة من 2002 حتى 2020، وتناولت التغيرات التي طرأت على شعور المتطوعين في الدراسة من حيث إحساسهم بالوحدة كل عامين لاسيما خلال فترة منتصف العمر من سن 45 حتى 65 عاما.

وأظهرت الدراسة أن أعدادا متزايدة من الأميركيين في منتصف العمر الآن يعانون من الوحدة مقارنة بأقرانهم في أوروبا، ويتزامن ذلك مع دلائل علمية على تزايد معدلات الوفاة بين البالغين الأميركيين في سن العمل.

وتقول الدراسة إن الشعور بعدم المساواة سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية يزيد على الأرجح من إحساس الإنسان بالوحدة لأن هذا الشعور يقوض قدرته على تلبية احتياجاته الأساسية، وأكدت أن سياسات العمل السخية والعلاقات الأسرية القوية تقلل من الشعور بالوحدة في منتصف العمر من خلال تقليل الضغوط المالية والخلافات الأسرية.

وفي الوقت الذي وصل فيه عدد من يعيشون بمفردهم في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من 38 مليونا، حذرت دراسة نشرتها “مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها” مؤخرا، من انتشار “وباء الوحدة”، وما قد يسببه من عواقب صحية خطيرة، لمن يُؤْثرون الوحدة والعزلة الاجتماعية.

فقد أفاد 52 في المئة من الأميركيين بأنهم يشعرون بالوحدة، بينما تجتاح العزلة الاجتماعية أوروبا كلها، حيث يشعر 18 في المئة من مواطنيها (حوالي 75 مليون شخص) بأنهم معزولون اجتماعيا.

كما يشعر 45 في المئة من سكان إنجلترا بالوحدة، وتُعد لندن المدينة الأكثر وحدة في العالم (55 في المئة من سكانها يشكون الشعور بالوحدة).

أما في أستراليا، فقد أفاد 62 في المئة من الشباب، و46 في المئة من كبار السن بأنهم يشعرون بالوحدة، والتي لا تستثني الكنديين أيضا، إذ يعاني ما بين 25 و30 في المئة من العزلة الاجتماعية.

كذلك، يعيش أكثر من نصف مليون شخص من اليابانيين حياة النُساك المعزولين عن العالم، وفقا للإحصائيات.

وأشارت الدراسة التي استندت إلى إفادات أكثر من 29 ألف شخص، إلى أن من يعيشون بمفردهم، هم أكثر عرضة للإبلاغ عن مشاعر اكتئاب “قد يكون من الصعب التخلص منها”، مقارنة بمن يعيشون مع الآخرين.

وتم تعريف الأشخاص المعرضين للاكتئاب، بأنهم “الذين يشعرون بالاكتئاب يوميا في بعض الأوقات، أو الذين يشعرون به معظم الوقت ولو مرة في الأسبوع”.

وأوضح الباحثون أن “تأثير هذه المشاعر صارخ بشكل خاص بالنسبة إلى من يعيشون وحيدين ولا يحصلون سوى على القليل من الدعم الاجتماعي والعاطفي، أو لا يحصلون عليه على الإطلاق”.

وقالت عالمة الاجتماع كاسلي كيلام التي لم تشارك في الدراسة، “إن أهم ما توصلت إليه هذه الدراسة، هو أن الدعم الاجتماعي والعاطفي يلعب دورا محوريا في صحة الناس ورفاهيتهم”.

ويزداد عدد الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم سواء بإرادتهم أو كأسلوب حياة. لكن نتائج دراسة حديثة كشفت أن هذا الصنف مهدد أكثر بالإصابة بحالات الاكتئاب.

وشملت الدراسة التي قام بها باحثون من جامعة “فرساي سان كوينتين إن إيفلين” الفرنسية مجموعة من العازبين ذكورا وإناثا ومن مختلف الأعمار. وخلص الباحثون إلى أن هذا الصنف من الناس أكثر عرضة للإصابة بأحد الأمراض العقلية الشائعة بنسبة 1.5 إلى 2.5 في المئة. وتشمل تلك الأمراض الاكتئاب والقلق والوسواس القهري.

ولاحظ الباحثون في جميع الدراسات التي قاموا بها وجود علاقة بين حياة الأفراد بشكل فردي وانتشار الأمراض العقلية. وكان العامل الرئيسي في الإصابة بتلك الأمراض هو الشعور بالوحدة. فعندما يشعر شخص ما بالوحدة، فإن خطر الإصابة بمرض عقلي يكون مرتفعا بشكل خاص.

واعتمد الباحثون في دراستهم، التي أنجزت في بريطانيا، على تحليل بيانات 20500 شخص تتراوح أعمارهم بين 16 و64 عاما في مراحل زمنية متفرقة. وبالإضافة إلى المقابلات والبيانات الصحية والشخصية التي تم جمعها، طرح الباحثون عليهم أسئلة تتعلق بالوزن وتعاطي الكحول والمخدرات واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والشعور بالوحدة.

واكتشف الباحثون أن سبب الشعور بالوحدة هو اختيار الكثيرين العيش لوحدهم كأسلوب حياة، إذ كانوا يفضلون عدم الارتباط بطرف آخر أو إنجاب أطفال وتأسيس أسرة. وفي ألمانيا مثلا وصلت نسبة الذين يعيشون بمفردهم إلى 14 في المئة.

وسبق لدراسة فنلندية أنجزت عام 2012 أن خلصت إلى أن احتمال الإصابة بالاكتئاب وارد وفي غضون ثماني سنوات قد زاد بنسبة تقارب 80 في المئة لدى الأشخاص غير المتزوجين أو غير المرتبطين بشريك أو شريكة عمر.

ومن بين العوامل التي تزيد من حالات الاكتئاب عدم لجوء غالبية المعنيين إلى طلب مساعدة عند ظهور أولى بوادر الاكتئاب. وينصح الخبراء من يعيشون بمفردهم ببناء علاقات اجتماعية وصداقات والبحث عن فرص للتواصل والتعبير في العالم الواقعي وعدم الاقتصار على العالم الافتراضي.

Provided by SyndiGate Media Inc. (Syndigate.info).

2024-04-17T02:04:09Z dg43tfdfdgfd