عمّان - تحشد الحكومة الأردنية جهودها من أجل تعزيز قدرات صناعة الفوسفات، التي حققت العام الماضي مكاسب غير مسبوقة، أملا في تحفيز مستويات نمو الناتج الإجمالي المحلي في السنوات المقبلة.
وكشف المسؤولون عن إصرار كبير لتحريك عجلات الاقتصاد من خلال توجيه بوصلتهم إلى العديد من المحاور الأساسية في مسار التنمية من خلال العمل على الاستفادة من الثروات الطبيعية، علها تكون مصدرا مستقبليا للإيرادات المستدامة بما يدعم الموازنة.
ويعد الفوسفات، من بين أبرز الخامات التي سعت وزارة الطاقة والثروة المعدنية لترويجها منذ 2021، من خلال جهود استكشاف محلية، وكذلك طرحها للاستثمار من قبل شركات دولية، وتحديدا في منطقة الريشة شرقي المملكة.
وكانت الوزارة قد أعلنت أن هذه المنطقة مفتوحة للاستثمار لخام الفوسفات، ضمن مجالات الصناعات التحويلية المختلفة حصراً ودون السماح بتصدير الخام دون عمليات التصنيع.
ويبدو الهدف من الإجراء هو رفع القيمة المضافة والعوائد الاستثمارية، وبما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي، حيث أطلقت قبل عامين عمليات استكشاف خام الفوسفات في المنطقة.
ويؤكد قاسم الحموري أستاذ الاقتصاد بجامعة اليرموك في عمّان، أن الأصل في ملف الثروات الطبيعية، هو عدم تصديرها خاما، لأن ذلك يجعل الأردن بعيدا عن الاستغلال الأمثل لموارده عموما والفوسفات خصوصا.
ونقلت وكالة الأناضول عن الحموري قوله إنه “من الأجدى عدم تصدير الفوسفات، وإنما استغلاله في صناعات محلية مثل إنتاج الأسمدة واستخدام ذلك في دعم القطاع الزراعي، وتصدير الفائض مصنّعا لتعظيم قيمة الصادرات”.
وأصبح الأمن الغذائي في الأردن، أولوية أكبر من ذي قبل، خاصة بعد الحرب الروسية – الأوكرانية، التي كشفت عن أوجه قصور في هذا الباب لدى البلد الذي يعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية.
ومن المهمّ في هذا الصدد وفقا للحموري دعم الصناعات القائمة على هذا الخام، من خلال توفير مدخلات إنتاج بأسعار وكلف مناسبة، مثل طاقة رخيصة من الطاقة الشمسية مثلا، والعمالة المحلية المدربة والمؤهلة لمثل هذا النوع من الصناعات.
ووفقا لآخر أرقام صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة، ارتفعت صادرات الأردن من الفوسفات الخام خلال الشهرين الأولين من العام الجاري بنسبة 2.8 في المئة على أساس سنوي بعوائد بلغت 133 مليون دولار.
وتظهر البيانات أن إنتاج البلاد بلغ العام الماضي نحو 11.3 مليون طن، تم بيع نحو 10.8 مليون طن منها، بقيمة تخطت ثلاثة مليارات دولار.
ويشكل الفوسفات مصدر طبيعيا للفوسفور الذي يوفر ربع الاحتياجات الغذائية للنباتات، وبالتالي يساهم في نموها وتطورها، ويستخدم الفوسفور في العديد من المنتجات، فهو يشكل المكون الأساسي للأسمدة.
ويقول رئيس مجلس إدارة جمعية إدامة للطاقة والبيئة والمياه دريد محاسنة إن هذا التوجه يفتح المجال لصناعات فوسفاتية جديدة مهمة، مع التوجه أيضا إلى إدخال الطاقة المتجددة في هذه الصناعات.
ورأى أنه يمكن من خلال هذه الصناعات عقد شراكات إستراتيجية مهمة، تبعد الأردن عن تقلبات الأسعار العالمية.
وشمل البرنامج الاستكشافي الأولي الذي أطلقته الوزارة أكثر من 90 كيلومترا مربعا، وتم حفر أكثر من 55 بئرا أظهرت نتائج التقرير الفني الذي نشر في 2022، وجود نوعية مرتفعة من الفوسفات.
ووصلت في حدها الأعلى ما نسبته 36 في المئة من تركيز خامس أكسيد الفسفور، وبغطاء ترابي بمتوسط 10 أمتار وسماكات مرتفعة من الفوسفات تراوحت بين 4 إلى 8 أمتار، وبشوائب معدنية منخفضة لم تتجاوز بمجموعها للأكاسيد الرئيسية 0.1 في المئة.
وقدرت الدراسة وجود احتياطيات عالية تجاوزت 750 مليون طن من خام الفوسفات ضمن منطقة الدراسة.
وبحسب بيانات وزارة الطاقة يمتلك الأردن خامس أكبر احتياطي فوسفات في العالم بواقع 3.7 مليار طن، بعد الصين والمغرب والولايات المتحدة وروسيا.
وقال المدير العام السابق لسلطة المصادر الطبيعية موسى الزيود إن كميات الفوسفات اكتشفت شرق البلاد منذ سنوات، إلا أن خلافات مع شركة مناجم الفوسفات الحكومية والحاصلة على حصرية الاستغلال في مناطق جنوب الأردن عطلت العمل في المناطق.
وشدد على ضرورة استثمار هذه الخامات، بعد أن توجهت الحكومة له وبقوة مؤخرا مع ضمان لحصة مجزية للحكومة من عوائد هذا الاستثمار.