تحدٍ متجدد يواجه المواطن المصري في ظل الظروف الاقتصادية الحالية؛ نتيجة ارتفاع أسعار السكر، وفي خطٍ متوازٍ مع وصول الأسعار العالمية لأعلى مستوى مسجل لها منذ العام 2011 في جميع أنحاء العالم، على أثر انخفاض الإمدادات العالمية بعد أن أضر الطقس الجاف بشكل غير معتاد بالمحاصيل الزراعية في الهند وتايلاند ثاني وثالث أكبر مصدرين للسكر في العالم.
ويطال تأثير ارتفاع أسعار السكر الكبير، كثيراً من الأسر المصرية كون السكر من السلع الأساسية في كل منزل مصري، وهو الأمر الذي يضيف ضغطًا إضافيًا على المواطنين، وبخاصة الذين يعانون بالفعل من الظروف الاقتصادية الصعبة.
وتواصل أسعار السكر في مصر ارتفاعها، إذ سجل سعر الكيلو الواحد في السوق المحلية نحو 48 جنيهاً (الدولار دون الـ 31 جنيهاً رسمياً، ويصل إلى 50 جنيهاً بالسوق الموازية).
من جانبه، يبين نقيب الفلاحيين المصريين، حسين أبو صدام، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد نيوز عربية"، أن:
الارتفاع العالمي
وحول تأثير الارتفاع العالمي لأسعار السكر، يذكر أبوصدام، أن الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تترواح من 400 إلى 800 ألف طن، معتبرا أنها "فجوة صغيرة"، وهو ما يحدد حجم وطبيعة التأثر بالأسعار المالية، مؤكداً في الوقت نفسه على أنه خلال الموسم الزراعي المقبل مع تشغيل مصنع إلمنيا ومع زراعة مساحات من البنغر سيكون لدى مصر اكتفاء من السكر.
أخبار ذات صلة
ويضيف: "لا يوجد مبرر حقيقي لارتفاع أسعار السكر في مصر"، واصفاً هذا الارتفاع بأنه "استغلال للأزمة الغذائية العالمية من قبل كبار التجار، الذين احتكروا سلعة السكر".
وإلى ذلك يطالب نقيب الفلاحين الحكومة ممثلة في وزارة التموين بتشديد الرقابة على هذه الشركات؛ "لأن معظمها تشتري من مصانع السكر بأسعار حكومية، ولذا فالزيادة غير مبررة في مصر رغم الارتفاع العالمي كون الاستيراد قليل ولا يمكن أن يسبب هذه الزيادة في أسعار السكر المحلي".
دعم الدولة
وفي السياق، لفت إلى ما تقدمه الحكومة المصرية من دعم للسكر على بطاقات التموين، إلا أنه يرى أن هذه الكمية المقدمة من السكر المدعوم لا تكفي المواطن، ما يضطر مستحقي الدعم لشراء المزيد من السوق الحرة، داعياً الحكومة لزيادة الرقابة على الأسواق وضبط أسعار السكر حتى لو اضطر الأمر لعمل "تسعيرة جبرية" للسكر في مصر؛ نظرا للظروف الراهنة والحالة الاقتصادية المتردية.
وعن جدوى سياسة "التسعيرة الجبرية" وخاصة أنها لم تكن ناجعة مع الأرز على سبيل المثال في وقت سابق، يوضح أن السكر يختلف عن الأرز كون الأول كل مصانعه حكومية بينما الأرز يصنع من قبل كبار المزارعين أيضاً ويسهل تهريبه وتخزينه، لكن السكر الحكومة هي فقط من توزعه على التجار، ومن ثم فببعض الجهد يسهل ضبط أسعاره خاصة وأنه سلعة أساسية وتدخل في العديد من الصناعات مثل مصانع الحلويات والعصائر.
أخبار ذات صلة
وبشأن وجود بوارد حلول للضبط الأسعار، يؤكد أن الحكومة بدأت فعليا التحرك على أرض الواقع، متوقعا نهاية أزمة ارتفاع أسعار السكر مع نهاية العام بوضع حلول جذرية خاصة مع الموسم الجديد للبنجر والقصب.
وسجلت صادرات مصر من السكر خلال النصف الأول من العام الجاري 2023 حوالي 185 مليون دولار، بزيادة 21.7 بالمئة خلال الفترة المقارنة من العام الماضي 2022، بنمو 33 مليون دولار، بحسب هيئة الرقابة على الصادرات والواردات.
ويُنتظر إنتاج السكر المحلي من قصب السكر في نهاية شهر يناير المقبل، الأمر الذي ينعكس بدوره على الأسعار المحلية.
وفي هذا السياق، ذكر رئيس شعبة السكر في غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، حسن الفندي، في تصريحات إعلامية له، أن سبب ارتفاع أسعار السكر في السوق المحلية يرجع إلى التجار، لجهة التلاعب في الأسعار، لا سيما وأن الطن في البورصة السلعية يصل إلى 24 ألف جنيه. ويضيف إلى ذلك عامل التصدير الذي يتحكم في السعر المحلي بناءً على العرض والطلب.
الأسعار العالمية.. والتغير المناخي
ويشار إلى أن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، كانت قد توقعت انخفاضا بنسبة 2 بالمئة في إنتاج السكر العالمي في موسم 2023-2024، مقارنة بمستويات العام 2022 (أي خسارة نحو 3.5 مليون طن متري من المنتج)، بحسب الباحث في أسواق السلع العالمية لدى المنظمة فابيو بالميري.
ووفقا لتقرير صادر عن وزارة الزراعة الأميركية، فقد توقع انخفاض إنتاج السكر في تايلاند (ثاني أكبر مصدر للسكر في العالم) لشهر أكتوبر الماضي، بنسبة 15 بالمئة.
وأثرت عوامل التغير المناخي على إنتاج السكر، لا سيما في ظل ما يعرف بـ "ظاهرة النينو" والمرتبطة بتغير أنماط الطقس العالمية، بما يقود إلى أحداث مناخية عنيفة من الجفاف إلى الفيضانات، وهو ما عانت منه الهند (أكبر منتج ومستهلك للسكر في العالم) في أغسطس الماضي، عندما شهدت موجة جفاف شديدة أدت إلى توقف إنتاج المحاصيل؛ ما اضطرها لتقييد صادراتها من السكر لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
2023-11-20T14:55:43Z dg43tfdfdgfd